ليلة جديدة من ليالي القهر، تسهر غزة جالسةً فوق الرمال وتحت أقدامها بأمتار أجسام صغارها، تضع يدها على خدها وتذرف دمعها دما بمرارة وصمت، وحجر يسد الحلق، بينما يحلم العالم زورًا بانتهاء الحرب، وتعيش هي وحدها حقيقة استمرارها.
إن الذي يقدم روحه من خارج فلسطين من أجل غزة ومسرى رسول الله لا يغسل عار شعبه ولا خذلان قومه، وإنما يقدم إلى الله معذرته عن نفسه وأهله، فليس ذلك الفعل النبيل فرض كفاية وإنما هو فرض عين على الكل، ولا يُغني الواحد عن الآخرين شيئًا، إلا أن يقوموا فيموتوا على ما مات عليه.
إن تلك الشعوب فيها من الخير والفداء والمروءة والدين الكثير، لكنها تقطع تسعة أعشار المسافة بينها وبين الفعل النبيل وهي تحاول تجاوز حدود أنظمتها، ثم لا يتبقى لها إلا عشر المسافة فقط نحو "إسرائيل".
700 شهيد في الضفة في عام واحد برصاص الاحتلال الإسرائيلي، الضفة التي ليست غزة، ولا تحكمها الحركة، وإنما تحت حكم السلطة التي توفر لرعيتها الأمان مقابل النموذج المركوب من العدو، لكن ومع ذلك فإن نحو ألف شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين موجودون من دون 7 أكتوبر.
فهل كان العدوان على غزة
"مشكلةُ هذه الرسمات "الساذجة" أنّها تحوّل المأساة إلى قِصّة حلوة، إلى رومانسيّة زائفة، تحوّل ذلك الرعب إلى شيءٍ جميل، تحوّل اللحظات الأخيرة التي عاشتها تلك الطفلة بينما يسقط الصاروخ فوق رأسها وتنسحق، إلى عمليّةٍ مُستأنسةٍ مألوفةٍ، وبسيطةٍ، حيث تتحوّل الأشلاء إلى براعم، والأوصال
"وفي سياق هذا الموت غير العادي، خرج رجلٌ من أقصى المدينة يسعى، واصلا نحو المعبر، لا ليعبر أفقيا إلى الأرض، وإنما رأسيا إلى السماء، وفي يديه أرواح ثلاثة من العدوّ، هم كل ما ملك من هذه الدنيا، وأحقر ما ملك من هذه الدنيا، وآخر ما ملك من هذه الدنيا، لكن المشهد كله هو أعز ما ملك من
وبعدها يلهم ماهر رجلًا آخر، بشاحنة أخرى، كتلك التي ذكرها غسان في روايته، ولم يكتفِ أن يكون رجلا في الشمس، وإنما كان شمسا في رجل، وكوكبا في إنسان، وقمرا في الأرض، فدقّ جدران الخزان، ولم يستسلم للطريق التي رصفها من تحته عدوه ليسير فيها بين خطين محددين دون حيود، لكنه اختار الاعوجاج