هذا الرجل لم يجد أولاده في صندوق هدايا، ولم يربحهم في مسابقة لأكياس السناكس، ولم يجدهم كبروا بسهولة ثم رحلوا ببساطة، وإنما هم أولاد تعبت أمهاتهم في حملهم، ثم لهم ذكريات في ولادتهم، ثم كبروا حتى صاروا أقمارًا في حيواتهم، ولهم مشارب ومنافع ومنازل، وكبر الأولاد حتى أنجبوا أولادًا،…
معذرةً.. هل من مطلوب من أبناء القادة أن يعلنوا عن أماكنهم ويرسلوا إحداثياتهم اليومية للاحتلال وللمشككين حتى يرتاح الجميع؟ بالتأكيد ليس مطلوبًا أن يكونوا مميزين عن أبناء شعبهم، لكن ليس مطلوبًا منهم كذلك أن 'ينتحروا' حتى يَسلموا من الألسنة التي تسلقهم!
كيف نعيّد من فقد عائلته كلها في يوم العيد، بعد الصلاة وقعت في هذا المأزق، بلقاء غزيٍّ نبيل شريف كريم استشهد جميع أهله، بدأنا الحديث بـ'كل عام وأنت بخير'، وانتهينا منه بـ'البقاء لله'.
أهلنا في غزة.. لا أحد قبلكم يستحق المعايدة، ولا تُقبّل يد أحدٍ في صباح العيد أسبق منكم، تلك القبلات التي كنت أطبعها قبل سنوات طوال على أيدي أبي وعمي وأمي وجدتي قبل أن تفرّق بيننا الابتلاءات والغربة فادخرتها، ليس أحدٌ أولى منكم بها، ولو قضيت نهار العيد كله أضعها فوق أيدي مليون أب…
بالله عليكم، هل هذا تخطيط مرتبك مأزوم؟ هل هذا تفكير محاصَر مهزوم؟ دقق جيدًا، مائة وثمانون يومًا ثم يخرجون بهذه الثقة والثبات و'الرواق'؟ لو حوصرت جيوش في مائة وثمانين ساعة لما صمدت صمودهم، ولما صبرت صبرهم، ولما أذاقت العدو معشار ما أذاقوه!
لا أقبّل اليد التي تكتب، ولا الرأس التي تخطط، وإنما أقبّل تلك القدم المرابطة في سييل الله، وأضع كل نعل ارتدته تاجًا فوق رأسي ليوم الدين؛ الله أكبر والعز لله ولعباده المتوضئين الطاهرين المنافحين المغاوير.
صحيحٌ أن جلد الذات واجب؛ لكن لا يقعدنّكم ذلك إلى الاعتكاف في محاريبكم تستغفرون حتى تموتوا، وإنما العمل العمل، احجزوا مواقعكم على الثغور في الجولات القادمة، فالمعركة قائمة لم تنفضّ، بل إنها لن تنفضّ أبدًا، فتدافع الحق والباطل سنة الله في أرضه إلى أن يرثها ومن عليها، ستنتصر غزة…