دائمًا ما كنتُ أفهم عبارة سيدي بن مشيش، رحمه الله، في صلواته «وانشلني من أوحال التوحيد» على أنها غاية التوحيد، ومقامه، والنقطة التي نصبو -كخلقٍ للهِ- على الدوام إليها. لا بدّ من فهم هذه الصلاة المشيشيّة على نحوٍ فلسفيّ عميق لا يتأتّى لمن أدمنوا العبارة، وأُعميت أبصارهم عن

رحل جدي لأبي قبل يومين إلى جوار ربه. وهو الرجل الذي كنتُ أول حفيد له، وقد أكرمني طوال حياته بعطف ومحبة وحنان ورعاية شديدة الأثر في نفسي. لقد رحلت يا جدي، وفي القلب حزاز من الوجد حامزُ، كما قال الشماخ بن ضرار الذبياني. واللهِ إن قلبي تقطع عليك، كنتَ أحنّ خلق الله يا رجل، أتاك الله

حين قرأتُ خبر رحيل صنع الله إبراهيم، تذكرتُ فورًا زياد رحباني. أيّ علاقة تلك التي يقيمها الموتُ فينا بين الراحلين، وكأنّنا أطفال الشهادة على القبور والموتى؟ هناك علاقة بذهني بين صنع الله وزياد رحباني. الاثنان، وهما يلعبان في حقليْن ثقافيين مختلفين، حيث الأول في الأدب والثاني في

إلى الأصدقاء الذين كرهنا بعضنا بحق، رغم أننا، في زمن مضى، كنا نرى في عيوننا لمحة من الأبدية

كان السمك نفع نفسه

إهداء فاخر من شيخ العربية محمود شاكر إلى صديقه الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل.

نحن نحيا في عالم تحكمه الأساطير، بصورة تفوق «عصور الأساطير» التي روّجت الحداثة أنّها أجهضتها، ومزقتها إربًا. في حين كانت الحداثة تقول إنّ عصر الأساطير انتهى، فإنها في الوقت نفسه كانت تدشّن أسطورتها، الأعنف والأقسى؛ أسطورة التقدم والتقوق والحرية. من بين أجهل الأساطير التي عمّمتها

"اليومي اليوم ليس مجرد روتين. إنه ميدان صراع. فمع صعود النيوليبرالية، صار الزمن نفسه سلعة، وصار الفرد مطالباً بأن يكون مشروعاً اقتصادياً دائماً. “هجوم على الحياة اليومية”، كما يقول جوناثان كراري. في هذا السياق، يصبح الدفاع عن العادي، عن الزمن الهادئ المكرر، فعلاً سياسياً.

الإبراهيمية الإسلامية إبراهيمية «خروج»، وسفر وترحال، وتطواف أبدي. ذلك أنّ الإبراهيمية الإسلامية لا «تفضيل» فيها. إنه إبراهيمية بلا «يهوَه»، وبالتالي هي بلا أرض، ولا شعب «مختار»، لأن الأولويّة في الإبراهيمية المسلمة هي التقوى، لا الأعراق، والعبادة، لا الأرض. وبالتالي، قيامة

«أنا مِتُّ كثيرًا من أجل أن أحيا قليلًا معك» ياغما غولروي، من ترجمتي

في أغنية فيروز «كيفك إنت»، وهي بشكل ما تخاطب ابنها زياد، تختزل فيروز شعور الأمومة العالي وهي تقول له «شو بدي بالبلاد/ الله يخلي الاولاد»؛ وكأنه إعلان أمّ خائفة على ابنها أن يظل وحيدًا يجوب البلاد («عم بيقولوا صار عند ولاد/ أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد»)، فلا تهم البلاد؛ المهم

الوهم الليبرالي (العدمي) العربي حول إمكانية التفاهم مع إسرائيل لا تبدده إلا إسرائيل نفسها. فبعد سنتين من «أيديولوجيا الإدانة» من قبل الذوات العربية التي تماهت مع الذل حتى صار بنية نفسية لا انفكاك عنها، تصر إسرائيل دومًا أن تعيدهم للمربع الأول: لا إمكانية لشيء سياسي معها، هي كيان

ما تقاومه يستمر، وما لا تقاومه يستمر برضو.

ورأيت من الناس صنفين؛ صنف تكسره الفتاة ما إن تتركه، وصنف يصيبه هذا الترك بهوس جنوني في إثبات نفسه وعنتريته وفحولته. بين الصنفين، ثمّة كسر ما، وضعف، ومقتلة. بيد أنّ الأوّل قد حوّل الكسر لنبل شفيف، والثاني حوّله لمعركة صفرية لإثبات نفسه؛ لأنّه مجنون بسؤال: كيف أُرفَض؟ الرفض

إنهاء العدوان على غزّة أولويّة عاجلة، وليس لأحد أن يقول بخلاف ذلك. ما يترك حسرةً في القلب هو تآمر الدول العربية والإسلامية ضدّ غزّة وفلسطين بتسارعها إلى تأييد خطّة المعتوه كما هي ومباركة اقتراح الانتداب الثلاثي وتصويره على أنه حلّ مثالي لتبدأ المنطقة لعبة السلام المزعوم.

«الأشواك لغتي. أعلن عن وجودي بلمسةٍ دامية» ك. سستشدانندن

لو كان هناك انتصار واحد بس لجيوش عربية بصورة رسمية ضد العدو فهو بلا تردّد السادس من أكتوبر 1973. لحظة استعادة للكرامة الجمعية وتحطيم لصدمة الهزيمة من نكسة إلى عبور ومن احتلال إلى تحرير.. والقطيعة التاريخية مع ذاكرة الحدث أمر لا يفعله إلا جبان يؤصّل لوهم أنّ "إسرائيل" لا تهزم.

أكره الصدمة الحضاريّة. وأكره الكُتّاب المصدومين حضاريًا. وأمقتُ الكتابةَ المصدومة حضاريًّا. لا يقتصر كرهي على معنى الاستلاب للحضارة، ولكن للكتابة المرتدة عن الحضارة بسبب الصدمة الحضارية. أكره أن تغدو الذات مستلبة كالأبلهِ الذي فتح أعينه على الدنيا فجأة. وأكره الذات التي تعود إلى