"سبحان الله، كأنّ في صفات السوء عقوبةً لأصحابها منها؛ فالحسود محترق القلب، والبخيل محروم الغِنى، والمغتاب ممجوج الرفقة، والمتملّق مهان الجانب، وغيرها على شاكلتها. فما كانت الصفات إلا راحةً لأهلها أو شقاءً، وما كان ظاهرُ المرء إلا دليلًا على باطنه."

"ما رأيتُ أحدًا تعلّق بالقرآن إخلاصًا وصدقًا إلّا أُفيض عليه من الله مهابة في القلوب، ومحبّة في النفوس، وسعة في الرزق والعقل، وبركة في العمر، وطيب عشرة وحُسن خُلق".

"من ثمّن نفسه علم أن أكثر ما يرى ويسمع لايستحق التفاتة قلب ولاتحريك عين ولانطق لسان ولاإشغال بال؛ فهو من الغثاء الذي يملأ الوجود، ومن الزبد الذي تكاد أوعية الزمان تفيض منه، وهو مع ذلك لايمكث في الأرض بل يذهب جفاءً كأن لم يكن.. لن تبلغ تلك المنزلة حتى تستقلّ المهم في سبيل الأهم!"

"إنما تُحفظ الصحبة إذا نُسِجت خيوطها على سدى المودّة الصادقة، وقام بناؤها على الأناة وحُسن الظنّ، ثم تُختبر حقيقتها عند مَسّ البلاء؛ فمن ثبت أوّله استحقّ آخره.. فالوفاء والعزم عمدُها، والثبات ركنها، والرحمة حِصنها؛ فلا تتصدّع أفئدة تعاقدت على الصدق، ولاتذبل مودّة سقتها الرّحمة."

إنّ في التفكّر بما قدّره الله لك في أيامٍ خلت -إذ حسبتَ المنع حرمانًا فتبيّن لك أنه عطاء متنكّر وعِوض مذخور ولطف مستور- لعُدّةً تُعدّك لمستأنف أيامك.. يثبّتك على التوكّل وإن ادلهمّت الكروب، ويرسّخ في نفسك اليقين بحسن تدبيره، ويحدوك لحمده سبحانه؛ لأنه المتولّي لأمرك لاأنت.

"ذِكر الله أحبّ عبادة لقلبي، فهي عبادة تكسب صاحبها سمعةً كونيةً عاليةً وشريفة، يقول الله في الحديث القدسي عن عبده: "..وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأ خير منهم". هل تستطيع أن تتخيّل مدى جمال وعظمة أن يذكرك الله في علياء ملكوته وبين ملائكته؟!"

"إذا أحسنتَ التعامل مع القرآن، ودخلت عليه بقلب المؤمن الذي يوقن أنه كلام الله العظيم، الذي كلّه بركةٌ ونور، والذي من أخذ به فقد حَيِيَ بعد الموت؛ أُتيتَ مفتاحَ الخيرِ كلّه".

"ترتيب الكلام مَنبعُه ترتيب الفكر؛ فإن كان فكرك صافيًا من الوساوس، خاليًا من الأوهام، مسكونًا بالطمأنينة، خرجت ألفاظك مثل الثوب المُطرّز بخيوط مُنظّمة وجواهر مُلمّعة، ومثلما الثوب الجميل يجتذب البصر، كذلك الفكر الجميل يجتذب البصيرة؛ فالتّرتيب صورةٌ من صور الجمال."

"من نعَم الله التي يغفل عنها الواحد منّا: وجود الأهداف في الحياة، على كافة الأصعدة: دينيًا واجتماعيًا وشخصيًا وعلميًا وصحيًا وماليًا. وهذه الأهداف وإن لم تبلغ كل ما في نفسك منها، إلّا أن السعي إليها يعطي الحياة قيمة، ويرفعك من حياة (السّبهللة) نعمة الأمل والسعي عظيمة .. عظيمة!"

"آنسُ أبدًا بمعنى الاشتراك؛ وهو عندي بمنزلة لايبلّغها الحبّ وحده، إنّما هو مرادف الانشطار الروحي والحنوّ والأُلفة والفهم العميق للذّات والآخر= هو جوهر الصداقة ولُبّ الصّدق والسّخاء والمشاكلة المطواعة.. وكما قال بهاء الدين زهير ذات قصيدة: كلّ شيءٍ رأيتُهُ حَسنًا أشتهيهِ لَك."

قال القاضي ابن شبرمة لابنه: "يا بنيّ لاتُمكّن الناس من نفسك؛ فإن أجرأ الناس على السباع أكثرهم لها معاينة."

"أمرٌ معلوم عند الناس، أنّ من صدق في طلب شيءٍ من الأشياء؛ بذل من الصبر في تحصيله بقدر صدقه في طلبه." - ابن تيمية.

"الحمد لله الذي صيّر مؤانسة الأحبة قِوام النفس، والعائلة سَناد الروح، والآمال عُدّة الهمة، والخيال مِرقاة المعالي. الحمد لله واسع الجود؛ ساق إلينا من الفرص ما لم نحتسب، وشرع من الأبواب ما تعدّى غاية الأماني ومُنقطَع التطلع. فسبحان من له الملك والتصريف، وبيده أزِمّة الأمور كافة."

"من أعظم متع الدنيا مجالسة صديق عاقل تُسقط معه مؤونة التحفّظ، وتنزع في حضرته حلل الاحتشام، تفضي إليه بقناعاتك من غير تحرّز، وتكاشفه بآرائك الفطيرة دون استحياء. لاتخشى معه سرًا يُكشف أو عيبًا يُفضح أو فهمًا يُساء؛ تسفّه آراءه فيضحك، ويسخر منك فتطرب، ثم تفترقان على ميعاد قريب."

"اعلم أنّ أرزاقَ الله شديدة السريّة لاتفهم أسبابها على الجهة المعهودة؛ فقد يأتي النفع من موضع المنع، والنقمة من موضع النعمة. وإني مخبرك عن أوّل قانون في باب الرزق: (أنّ ما عند الله لاينال إلا بطاعته)، فلا تطمع في مفتاحٍ لم يضعه الفتّاح، وأجمِل في الطلب."

"تعطيك التقوى لذّةً وسعادة أضعاف ما تعطيك إيّاه المعصية؛ فمتعة المعصية غالبًا حسّية، سريعة الزوال، ممزوجة بوخز الضمير وتأنيب الجوارح. أمّا سعادة التقوى فتسري في ذرّات الجسد دفئًا وحبورًا، وتجري في شرايين القلب راحةً وطمأنينة. إنّه شعور يحلّق بك فوق أرض الإخلاد نحوَ سماء الخلود!"