ليس لأحد أن يدّعي الطهارة في أرض لم تطأها قدماه، ولا أن يزعم الصلابة في وجه ريح لم تعصف به. فالمعدن لا يُختبر في نعومة الأيام، بل تحت مطرقة المحن وسندان التجربة. ومن لم يُبتلَ لا يحق له أن يتعالى على من ابتُلي، فالفرق شاسع بين من يتأمل النيران من بعيد ومن احترق بها وعرف لهيبا.
كثيرون يظنون أن الفضيلة خيار متاح دائمًا، وأن القوة كامنة في نفوسهم دون أن تُختبر، لكن التجربة وحدها هي التي تكشف الحقائق. فليس كل من لم يخُن أمينًا، وليس كل من لم يسقط قويًا، بل قد يكون ببساطة لم يُوضع في موضع الخيانة أو السقوط.
الحكم على الآخرين من برج التجربة غير المكتملة ليس إلا غرورًا مُقنّعًا. الناجح الحقيقي ليس الذي يزايد على من فشل، بل من يعرف ثقل التجربة ويحترم من خاضها، سواء اجتازها أم سقط فيها. نقي هذه العباره