الدولة نقلت سكان العشيش البدون أبناء البادية إلى البيوت الشعبية في الصليبية وتيماء. - هل سيعود السكان الآن إلى العشيش مرة أخرى؟ - على من تقع مسؤولية إيواء ساكني الشعبيات بعد هدمها؟

البدون من منتسبي الدفاع والداخلية «من سكنة العشيش سابقاً» نقلتهم الدولة إلى البيوت الشعبية بقرار وزاري لاحتوائهم وتوطينهم ونقلهم لحياة المدينة، الآن بعد كل هذه السنين وما يقارب 46 عاما هل ستترك الدولة أبناءهم وأحفادهم بلا سكن بعذر انتهاء خدمتهم العسكرية لكبر السن أو الوفاة؟

النفي لا يُعدم الحقيقة، ولا يصنع جنسية من العدم، ولا يمحو تاريخاً توارثته الأجيال ونقشته المعاناة، وجودنا حاضر وشاهد لا يغيب، وصبرنا مرآة لوطنٍ مدين لنا بإنصاف طال انتظاره.

منذ 1994 وهيومن رايتس ووتش تصدر تقارير عن مأساة البدون في الكويت، توثّق الألم ولا تداويه، تصف الجرح ولا تضمده، صدقت في قولها، وخذلتنا في فعلها، فلا تعوّلوا على من اتّخذ من معاناتنا سلعة، وإن نطق بالحق.

إذا دعتك قدرك علي ظلم الناس فتذكر قدرت الله عليك فلن ينفعك منصب ولا جاه ولامال عندما يتخاصم الخصوم

▪️البدون، أبناء البادية، غُيّرت ملامح حياتهم مرتين. - مرة حين رسمت الحدود فانتهت حياة الترحال وسكنوا بيوت الصفيح. - ومرة أخرى حين قررت الدولة نقلهم إلى البيوت الشعبية. فهل تدور الدوائر اليوم، ويُعاد من نُقلوا للمدينة إلى الصحراء من جديد؟ هل يُعقل أن تنتهي الرحلة حيث بدأت؟

الغالي جاسر، نقاوم بالكتابة لأن الكلمة هي السلاح الوحيد الذي لا يُصادر بسهولة، ولا يُمحى من الذاكرة، نكتب لأننا نرفض أن نُختزل في الصمت، ولأن التوثيق مهم، نكتب كي لا تمرّ المأساة بصمت، وكي لا تُزَيَّف الرواية. أما عن جدواها، فهي ليست آنية غالبًا، لكنها تراكمية.

أن تنتظر الحلول وأنت خارج دوائر الاهتمام، كأنك تترقّب المطر من غيوم لا تمر فوقك، الانتظار مُرهق، ولا ضمان أن يحمل لك الإنصاف، أمّا أن تسعى لتحسين ما يمكن تحسينه، وتتمسّك بما يُبقيك واقفًا، فذلك لا يُنهي المعاناة، لكنه يصون كرامتك، ويمنحك شيئًا من السيطرة في واقع لا تملك مفاتيحه.

تقف على حافة المجهول، لا تدري أتمتد لك الأرض، أم تنشق تحتك، تعيش بين شائعات الترغيب والترهيب، معلّق بوطن لا يحتضنك، تنتظر حل لم يفصح عن نواياه، كل يوم يمر تزداد الأسئلة، ومصيرك يقرر في غيابك دون رأيك! - فبرأيكم هل الحل المنتظر سيكون لائقا بمن صبر دون أن ينكسر؟ توقعاتكم

- نصيحة: التفاؤل مع الوعي هو التوازن الحقيقي. ومعنى الوعي هنا أن تبقى إيجابيًا دون أن تنخدع، وأن تحلم دون أن تغفل عن الواقع. نعم، التفاؤل مهم كي لا تستسلم، لكن إدراكك لأولويات من حولك خاصة الحكومة والجهات المؤثرة يحميك من سذاجة قد تكسرك.

الهوية الحقيقية أعمق من الجواز والأوراق، لكنك اليوم لا تتحرك في العالم إلا بذلك الجواز وتلك الأوراق. نعم، جواز السفر لا يُعرّفك كإنسان، لكنه في نظر النظام العالمي قد يكون الوسيلة الوحيدة «للاعتراف بك».

رغم كل الأخبار المتداولة يبقى احتمال وجود «صفقة»مع سانت كيتس لحل مشكلة البدون بعيد جدًا عن الواقع، ولا تدعمه أي مصادر رسمية أو شواهد معتبرة. - صحيح لا يوجد ما هو منطقي بمشكلة البدون حتى تفكر بمنطقية لكن يبقى الواقع هو الأكثر احتمالية ومن المتوقع أن تكون هناك حلول متباينة ومختلفة.

نصيحة من القلب لإخواني البدون. احذروا صنفين من الناس: 1. من يُرهبكم بالإشاعات ويزرع الخوف دون سند رسمي. 2. ومن يُخدّركم بوعود زائفة، ويصوّر لكم أن التجنيس قريب وأن الدنيا وردية وإنصافكم سيكون قريبًا. - كلاهما لا يخدم قضيتكم، بل يعبث بعقولكم. أحدهم بالخوف، والآخر بالأمل الكاذب.