قالت الخنساء في رثاء أخيها صخر: "ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي". قال بعض العلماء: إنَّ المُبتَلَى يتأسَّى ويسلو حين يشاركه غيره في مصابه، ولذلك نفى الله عن أهل النار -عياذاً منها- هذا المعنى النفسي فقال: ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ

في إنكار موسى أكثر من مرة على الخضر وعدم صبره، دليل على أنَّ قلوب المؤمنين مجبولة على إنكار المنكر؛ لأن موسى عليه السلام وعد الخضر بالصبر، فلما رأى ما رأى أنكره عليه. 📚 القصاب، نكت القرآن: ٢١٥/٢

دلَّ قوله تعالى: ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ المجادلة: ١١. على أنَّ كل من وسَّعَ على عِباد الله أبواب الخير والراحة، وسَّعَ الله عليه خيرات الدنيا والآخرة، ولا ينبغي للعاقل أن يُقيِّد الآية بالتفسُّح والتوسُّع في المجلس، بل المراد منه إيصال أي خير إلى المسلم،

قال القرطبي مُعلِّقاً على قوله تعالى: ﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ﴾ الحجرات: ۱۱. وبالجملة فينبغي ألَّا يجترِئ أحد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رث الحال، أو ذا عاهة في بدنه، أو غير لبيق في محادثته، فلعله أخلص ضميراً، وأنقى قلباً ممَّن هو على ضد صفته، فيظلم نفسه

وقد ذُكِرَ في غيرِ موضعٍ من القرآن ما يُبيِّن أنَّ الحسنة الثانية قد تكون من ثواب الأولى، وكذلك السيئة الثانية قد تكون من عقوبة الأولى، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ العنكبوت: ٦٩. وقال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ الفرقان: ٦٣. العبودية هنا للتشريف والكرامة. 📚 التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي: ٨٦/٢

﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ الفرقان: ٧٣. أوَيَخِرُّ الكافرونَ صُماً وعمياناً إذا ذُكِّرُوا بآيات الله؟! نعم، وخرُّهم عليها: إقامتهم على الكفر. وذلك نظير قول العرب: قعد يشتمني، وقام يبكي، ولا قيام هنالك بل هو

﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ﴾ الحج: ٣٧. الإشارة بهذه الآية إلى أنه لا يُقبل اللحوم والدماء إذا لم تَكُن صادرةً عن تقوى الله، وإنما يتقبَّل ما يتقونه به، وهذا تنبيه على امتناع قَبُول الأعمال إذا عَرِيَت من نية صحيحة.

﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ السجدة: ١٧. قال الحسن البصري: أخفى قومٌ عمَلهم فأخفى الله لهم ما لم ترَ عين، ولم يخطُر على قلبِ بشر. 📚 تفسير ابن كثير: ٣٦٥/٦

في قوله تعالى: ﴿عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ الكهف: ٩٤. دليل على اتخاذ السُّجون، وحَبسِ أهل الفساد فيها، ومَنعِهم من التصرُّفِ لِما يُريدونَه، ولا يُترَكون على ما هُم عليه، بل يُحبَسون حتى يُعلَمَ انكِفافُ شرِّهم ثم يُطلَقون، كما فَعَلَ عمر رضي الله

﴿وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ الكهف: ١٨. إذا كان بعضُ الكلاب قد نالَ هذه الدرجة العُليَا بصُحبتِهِ ومخالطتِهِ الصُّلحَاء والأولياء -حتى أخبرَ اللّٰه تعالى بذلك في كتابه- فمَا ظنُّك بالمؤمنين الموحدين المُخالطين المُحبين للأولياء والصالحين؟ بل في هذا تسلية

قوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ الكهف: ٨٢. فيه فوائد منها: أنَّ العبد الصالح يحفظه اللّٰه في نفسه وذريته وما يتعلَّق به، ومنها أنَّ خدمة الصالحين وعمل مصالحِهِم أفضل من غيرهم؛ لأنه عَلَّلَ أفعالَهُ بالجدار بقولِهِ: «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا». 📗 خلاصة تفسير

كما أنَّ السماوات والأرض لو كان فيهما آلهةٌ غيرُه سبحانه لفسدتا، كما قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ الأنبياء: ٢٢. فكذلك القلب إذا كان فيه معبود غير اللٰه تعالى فسد فساداً لا يُرجى صلاحه؛ إلا بأنْ يخرج ذلك المعبود منه، ويكون اللّٰه تعالى

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ النحل: ٩٠. الإحسان فوقَ العدل، وذلك أنَّ العدل هو أنْ يُعطي ما عليه ويأخذ ما له، والإحسان أن يُعطي أكثر ممَّا عليه ويأخذ أقل ممَّا له، فالإحسان زائد عليه، فتَحَرِّي العدل واجب، وتَحَرِّي الإحسان نَدْبٌ وتطوُّع، ولذلك عظَّم

﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ الشورى: ٢٧. هي دليلٌ على أنَّ كَثرة المال سببٌ لفساد الدين إلاَّ من عصمَه الله، فهو معصوم مخصوص بالكرامة، كما كان أغنياءُ الصحابة

﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ طه: ٨٤. وظاهِرُ الآية أنَّ الحَامِلَ لموسى على العَجَلَةِ هو طلبُ رضى ربِّه، وأنَّ رِضَاهُ في المبادَرةِ إلى أوامرِهِ والعَجَلَةِ إليها، ولهذا احتجَّ السلف بهذه الآية على أنَّ الصلاةَ في أوَّلِ الوقتِ أفضل، سَمِعْتُ شيخ الإسلام ابن

﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ ق: ٣٣. قال الفُضَيْل بن عِياض: "هو الرجلُ يَذْكُرُ ذُنوبَهُ في الخلاءِ، فيستغفرُ اللّٰه منها". ومما يَدْخُلُ في هذا المعنى أحدُ السبعةِ الذين يُظِلُّهُمُ اللّٰه في ظِلِّهِ: "ورجلٌ ذكرَ اللَّهَ خالياً ففاضَتْ عيناهُ"، أي: مِن

في قوله تعالى: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ﴾ ق: ٤. عبَّرَ بالانتقاص دونَ التعبير بالإعدام والإفناء؛ لأنَّ للأجساد درجات من الاضمحلال تدخل تحت معنى النقص، فقد يفنى بعضُ أجزاءِ الجسدِ ويبقى بعضُهُ، وقد يأتي الفناءُ على عامَّةِ أجزائهِ، وقد صَحَّ أنَّ عَجْبَ