إذا انحرف الناس عن الدين رأوا المنكر معروفًا والمعروف منكرًا وأوهموا انفسهم ان لا مكان للإصلاح فنبذوه، كما قالوا "أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون" حين يطفو الخبث على السطح، يُنظر الى الطهر كأنه تهمة

نحن لا نخاف على الدين من الضياع، وإنما نخاف على أنفسنا أن نفلت من هذا الدين فنضيع، فلا عز لنا ولا مكانة لنا ولا قيمة لنا إلا به

إنما انت في هذه الدنيا في صراع، تغلبك النفس تارة وقد تغلبها تارات واعلم بأنك لو غُلبت الف مرة سيزول هذا السجل ان صدقت في التوبة فلا تملّ من مناكفتها

جاهد هواك ولا تعقد له صُلحًا

﴿أم حسِب الذين اجترحُوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعمِلوا الصالحات﴾ يُذكر ان الفضيل بن عياض قرأها بالليل فأخذ يرددها ويبكي طول الليل ويقول لنفسه "من أي الفريقين أنت"

لكل انسان مفاهيم مركزية يُقدسها وتدور عليها حياته ولا بد ولب اشكالات عصرنا وكثير من شبهاته هو انزياح مركزية الشريعة الربانية وتقديس العقيدة في نفس المسلم وحلول غيرها مكانها، كالوطنية والقومية والمادية اخطر ما يُمكن تقديسه هو فكرة (أن لا يقدس الانسان شيء !)

من أسماء الله (الواسع) يسعك الله إذ تضيق بك نفسك، يسعك في رفضك، وقبولك، يقبل منك الخطوة، تأتيه مشيًا فيأتيك هرولة وهو الغنيّ عنك. الله الواسع في الدنيا الضيّقة، واسع إذ تخطئ؛ فرحمته (أوسع) من غضبه، يسعك بتناقضاتك، بحسراتك، بعجزك وضجرك، هو الواسع لكلّ ما فيك من شطط سبحانه.

من لطف الله أنه قد يستجيب لدعوتك وهي حبيسة صدرك، ورهينة خاطرك، دون أن تتفوه بها! كان النبي ﷺ يصلي جهة بيت المقدس ومنيته أن تكون مكة قبلة المسلمين، وكان يقلب النظر في السماء، جهة البيت الحرام كان خاطرًا فجاءت البشرى: ﴿قد نرى تقلُّب وجهك في السماء فلَنُوَلِّينَّك قبلةً ترضاها﴾.

الخوف على الذرية من فتن الدنيا يدفعك الى اصلاح نفسك اولاً، لأنه اساس صلاح الابناء ﴿ وليخشَ الّذين لو تركُوا من خلفِهم ذُريّة ضِعافًا خافوا عليهم فليتّقوا الله وَليقولوا قولًا سديدًا﴾

حين تُلغي متابعة التافهين تنقذ نفسك تنقذها وتخرجها من بئر فارغ لا يليق بك، اُلفة الاختلاط، اجواء تافهة، متابعة يوميات لا معنى لها، ركض خلف اللقطة واللحظة والجدل ينقل الواحد منهم حياته وتفاصيله وزوجته واخته وبيته حتى غرفة نومه ليريك وهمًا ويسقيك سُمًا لتسقط في وَحل المقارنات

اول مراحل ضبط النفس هي علمك انها لن تنضبط ابدًا، وانك معها في توجيه دائم وتقويم مستمر على هذا فُطرت وعلى هذا ستبقى، فلا تجزع من الميل جزع اليائس ولا تغرّنك الاستقامة غرور الآمن

ما رأيت مسكينًا كالانسان، تهدئُه ربتة على الظهر وتُحوجه الاوقات الصعبة إلى صوت يخبره بأكثر الأشياء بداهة وهو يعرفها "ان الله كريم، وان الدنيا مارة وانك ناجٍ بما يعلم الله في قلبك"

اعطني كل مفردات الامان التي القيت على مسامعك لن تبلغ عظمة تصريح الامان من الله وهو يقول (فإذا أحببتُه كنت سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به..) ان يحبك الله سبحانه هذا "شأن" وان يتولاك ويجعل كل جوارحك تتحرك في مرضاته وفيما يحبه هذا "شأن آخر"

استثنى الله في القرآن وعودًا كثيرة وعلّقها بالمشيئة، كالإغناء والإجابة والرزق فقال: (فسوفَ يغنيكم الله من فضلهِ إن شاء)، (فيكشفُ ما تدعونَ إليهِ إن شاء)، (يرزقُ من يشاء) أما وعده تعالى لمن شكر فقد ذكره بلا استثناء فقال: (لئِن شَكَرتُم لأزِيدَنَّكُم)