آمنوا بالقدر حلوه ومرِّه، وأحسنوا الظَّنَّ بربِّكم، فاشكروه على حلوه، واصبروا على مرِّه، ليزداد حلوه حلاوةً، وتزول مرارة مرِّه، وربَّما كاثره الرِّضا في القلب، فاستحال حلوًا لا مرارةَ فيه.

الإخوان المسلمون حركة سياسية بلباس ديني، تغتنم الفرص لتحقيق أهدافها،وتُظهر للناس ما يُناسب بلدانهم،ولا يعرف العوام منها إلا ما أحبوه،فأثوابها متباينة:السلفية والأشعرية والصوفية والزيدية والإباضية،ومعرفة خلل جوهرها يكشف حقيقة مظهرها،ومن فهم هذا ميَّز،ولم يُحجب بالدعاوى عن البينات.

لم يُسلم الله محمَّدًا ﷺ إلى أعدائه، ونصره عليهم، مع ما كانوا عليه من القِلَّة، ولن يُسلم أُمَّته إلى أعدائها، فوعده الصَّادق ألَّا يُسلِّط عليهم عدوًّا من غيرهم، فاملأوا قلوبكم بالتَّوكل على الله، وثقوا بنصره، وحصِّلوا أسبابه، واثبتوا فإنَّ الله معكم، وإن تنصروه فلن يخذلكم.

انهضوا معشر الشباب ببلدانكم وأُمَّتكم، فاطلبوا العوالي، واطمحوا للمعالي، حافظوا على أمر دينكم، واحفظوا شأن دنياكم، لا تستهوينَّكم السَّفاسف، ولا تستجرَّنَّكم العواطف، تقدَّمكم أكابر فاتبعوهم، وسبقكم كرامٌ فالحقوهم.

تحصل بالنظر إلى الكتب بهجةٌ نفسيةٌ، يجد بها محبوها لذَّةً ممتعةً، ويغيبون بهذه اللذَّة عن أشغالهم وهمومهم، فكيف إذا كان النظر فيها لا إليها؟ وكيف إذا كان النظر فيها نظرًا يجلو مبانيها، ويستحلب معانيها؟ وكيف إذا كان ذلك مثمرًا المعرفة النافعة والأعمال الرافعة؟ ألا طاب الكتاب وطاب.

(عالم السُّلطان) لقبٌ عند النَّاس للملتزمِ طاعةَ الله ورسوله ﷺ في حقِّ الحاكم، وللمقدِّم طاعتَه على طاعتهما، فالأوَّل ممدوحٌ شرعًا وإن ذمُّوه، والثَّاني مذمومٌ شرعًا وإن مدحوه، فلا تَهُولنَّك العبارات، ولا تخدعنَّك العَبَرات، ففي النَّاطقين بها محقٌّ ومبطلٌ.

مهزلة (المقالب) المبنية على الكذب، والسّخرية، وترويع الآمنين، وإقلاق المتابعين، ليست وسيلة تسلية، ولا أداة ترفيه؛ بل هي بليّةٌ يتسلل إلى النفوس من خلالها وقاحة البلاهة، وبلادة الغثاثة، وحماقة السفاهة، فيُصنع بها جمهور لا يحفظ دينا، ولا يصون دنيا، فقاطعوا أصحابها، وأغلقوا أبوابها.

أعذب النَّاس مقالًا: أصدقهم حالًا، فإنَّ القلب إذا امتلأ بالصِّدق فاض بأطيب الكلام وأنفعه، فوجد سامعوه لذَّته، ونالوا منفعته، وغمرتهم بركته، فمنشأ خير اللِّسان النَّاطق: قلب العبد الصَّادق.

توريث كامل الأحوال أعظم من توريث الأنساب والجاه والأموال، فأن ترث ذريَّتك منك إقامة الصَّلاة وإيتاء الزَّكاة وحسن الخلق وزكاة النَّفس والمسابقة إلى الخيرات؛ خيرٌ لك من توريثهم غيرها، فورِّثوا ذريَّتكم الكمال، ولا تغفلوا عنهم بالانشغال والإهمال.

إذا حضر مجلسَ العلم قليل، عابه قوم بقلتهم؛ لولعهم بحشد الجماهير، وإذا كثروا عابه قوم بكثرتهم؛ لتوجُّسهم من سَنن المشاهير، وزخرفت كل طائفة عيبها بالظن الفاسد، الذي يُظهر للعاقل تقابل طرفين مائلين عن الجادة السوية، فلم يعتدَّ بعيبهم، ولم يأخذ بريبهم،(وكلا طرفي قصدِ الأُمور ذميمُ).

كونوا أعزِّةً؛ فالعزَّة تورث قوَّة النَّفس، وتبعث على طلب المعالي، وتُستلهم من صدق الإيمان، وعروبة اللِّسان، وطيب الأوطان، وعظمة الإنسان، فمن له حظٌّ وافرٌ من هؤلاء الأربع؛ فله من منازل الاعتزاز أعلاها، فاحفظوها فيكم ولا تُضيِّعوها، وقوُّوها ولا تُضعفوها.

ما كلُّ من نسبك إلى خطأٍ يحسدك، ولكن منهم من يحسدك، وفي الحاسدين من يحقد عليك، وفي هؤلاء من يسعى في إيصال الشَّرِّ إليك، ومِن السَّاعين به مَن إذا أوصل شرًّا شرع في غيره، فاصبر إنَّه على الباغي تدور الدَّوائر؛ ﴿فلا تَبۡتَىِٕسۡ بما كانوا یفعلون﴾، ﴿عليهم داۤىِٕرةُ السَّوء﴾.

أحرارُ العزائم لا يرضخون لنوازل الهزائم؛ فإذا كبا جواد أحدهم بِعثرة الذَّنب، رفعه بلِجام التَّوبة.

لم يرد الدُّعاء بالتَّوفيق في آيةٍ أو حديثٍ صحيحٍ؛ لأنَّ غايته حصول مرادٍ ملائمٍ للعبد، وقد لا يكون الأفضل، والدُّعاء بالهداية أكمل؛ لاشتماله على سؤال المطلوب الأفضل؛ وبه ورد الدُّعاء في القرآن والسُّنَّة، ولزوم الأكمل - مع جواز غيره - أكمل، فاللَّهمَّ اهدنا.

من أُصول الحياة الطَّيِّبة: حسن الظَّنِّ بالله وسلامة الصَّدر لخلقه؛ فمن رُزقهما طاب عيشه، ولم تُزعزعه المُقْلِقات.

كان عبدالواحد بن أحمدَ المقدسيُّ رحمه الله يقول:"ما يكيد إنسانٌ عَدُوَّهُ بأكثرَ من تحصيل العلم"، أي بطَرَفيه طلبًا ونشرًا، فيُعرف به متعلِّمًا ومعلِّمًا، فإذا قرن تحصيله بالإعراض عن كذب عدوِّه وبغيه؛ أذاقه نَكَدًا، وأماته كَمَدًا، وأظهره الله عليه غدًا.

استوصوا أيها الرجال بنسائكم خيرا: الأُمهاتِ والأزواجِ والأخواتِ والبناتِ والقريباتِ، فأدُّوا حقهنَّ، واحفظوا قدرهنَّ، وعرِّفوهنَّ ما لهنَّ وما عليهن، بقلبٍ رحيم، وقول كريم، وضعوا بينكم وبينهن ميزان الاعتدال، بحكم الشَّرع وشيم الأبطال، فما أكرمهن إلَّا كريم، وما أهانهن إلَّا لئيم.

قطار موتنا:أطول سلسلةٍ بشريَّةٍ تنتظر المغادرة، لننتقل من دار العمل والفناء إلى دار الجزاء والبقاء، في رحلةٍ منتهاها سبوغ رحمة الله وفضله، ونزول حكمته وعدله، فأمامنا الجنة دار النعيم، والنار دار العذاب الأليم؛ فأنقذوا أنفسكم، اللهم ارزقنا صالح الأعمال، وطيَّب الأحوال،وحُسن المآل.

تسلَّلت دعاوى الطُّرقيَّة وأضاليل الخرافة إلى الفقه عند المتأخرين، فذكروا منها ما لم يذكره متقدِّموهم، فلا يهولنَّك قولهم: هذا مذهب فلانٍ، فهي دعوى كاذبةٌ؛ كنسبة عمل الموالد أو العكوف عند المقابر وأخواتها المحدثات إلى مذهب أبي حنيفةَ أو مالكٍ أو الشَّافعيِّ أو أحمدَ رحمهم الله.

إذا فقدتَ نعمةً فقد أبقى لك الله نعمًا، فاعدُدها ليهون عليك المفقود، فإنَّ لله عليك أنواعًا كثيرةً من النَّعماء، منها ما لا تستشعره إلَّا مع فقده أو فقد غيره، فتنتبه إليه، فاشكروا ربَّكم، واسألوه دوام نعمته.