أحيانًا لا يضيق بنا الوقت، بل تتسع فينا الكلمات متأخرة عن لحظتها. فنصل ممتلئين بما نريد قوله، ثم نغادر محمّلين بما لم نستطع أن نقول. وكما قال ناصر مناحي : "وقفي لين الزمان يمرّنا، بأربع فصوله الثواني مستحيل إنها تكون اللي بقى لي يوم جيتي كان ياكثر الكلام اللي بقوله ويوم رحتي

لا تُهدر نُورك في عتمات لا تُضيء، ولا تُسرف قلبك على أبواب لا تُفتح. الأرواح العظيمة لا تُقاس بعطائها للكل، بل بتمييزها لمن يستحق. الخذلان عابر، لكن الإصرار على العطاء الخاطئ.. هو الجرح الذي لا يندمل. راجع نفسك لا لتلومها، بل لتحفظها.

الذين يواسون العالم.. ويكتمون العالم في صدورهم. هؤلاء الذين لا تُرى جراحهم، لأنهم اعتادوا أن يخفوها خلف عزاءٍ يمنحونه لغيرهم، هم الذين يتقنون التماسك أكثر من حاجتهم إليه. الذين يرممون غيرهم وهم متصدّعون، ويُمسكون بقلوب الآخرين وقلوبهم على وشك الانهيار. قلوب تُجيد التخفّي، وتخفي

بعض المشاعر لا تستأذن، تدخل القلب كأنها قدر، حتى لو رأى العقل النهاية.. يبقى عاجزًا عن التراجع. كما قال عبدالكريم البدراني: "الهوى مافي طريقه مجالٍ لـ الهروب صاحبه لو يملك الراي ، مايملك قرار"

أن تُكرم نفسك، هو أن تصونها عن الوَهن، وتختار لها صحبة تُزهر، وحبًا يُنير، ومجالس رحبة لا تُقيّد روحك، بل تحتضن حقيقتك.

"وقفنا عند بابك مالنا مطلوب غير رضاك معاصينا كبار وعفوك اكبر من معاصينا"

في يوم الجمعة، تتزيّن الساعات بالصلاة على النبي ﷺ، فهي عطر الروح وبلسم القلب. قال ﷺ: «من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا». فأكثروا منها، لعلها تكون جسرًا من رحمةٍ يبلّغكم مورد الحبيب يوم القيامة. اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد

الوقوف على حافة الانتظار يشبه الإمساك بالماء، كل لحظة إضافية تسرّب شيئًا منك. هناك لحظات يدرك فيها القلب أن البقاء أخطر من الرحيل، فيمضي قبل أن يتسلّل الوقت، ويحوّل أصفى المشاعر إلى ظلّ لما كانت عليه. الخطوة إلى الوراء هنا ليست هروبًا، بل إنقاذ لما في الداخل من أن يبهت أو يتشوه.

أصدق أصفيائك من يبقى كما هو مهما اشتدت عليه فصول الحياة؛ ثابت في ودّه، أمين في عهده، تلتقيه بعد الغياب وكأن الفاصل بينكما كان نفسًا لا زمنًا. يقول فيه مزيد الوسمي : "تاخذني ظْروف الحياة السريعة وألقاك من عقب البطا مثل ما كنت أنا أدري إن ضاقت عليّ الوسيعة ما أحدٍ موقّف لي على ساق غير

البدايات ليست فتح بوابة عظيمة، بل همس بذرة تحت التراب، تشقّ طريقها ببطء في ظلمة الأرض، تسمع نبض المطر قبل أن يسقط، وتعرف أن الرحلة نحو الشمس تبدأ دائمًا من عمق العتمة.

الاستغناء قوة هادئة، لا تعلن خصومة ولا تطرق أبواب الندم، بل تمضي بثبات حين يضيق الودّ أو يبهت الحضور. هو أن تترك المسافة تحفظ الهيبة، وأن يبقى القلب نظيفًا مهما ابتعد. يقول صالح بن حمد: "عساهم على أحسن حال وأنا على أحسن حال وهم في غنى عنّي ——— وأنا في غنى عنهم"

لقد كان الجفاء ريحًا عاصفةً تهزُّ القلب، أما الآن فقد صار نسيمًا باردًا يمرّ على الروح فلا يترك فيها أثرًا… وتلك هي الخسارة التي تفوق كل خسارة: أن تفقد حتى القدرة على الإحساس بالخسارة. كما قال عبدالله آل لزيوح: "ماهوب متعبني إن الوصل متشوّه متعبني إن الجفَا — ما عاد يتعبني"

الصباح ومضة وعي تنهض من سبات الليل، يرفع فيها الكون رأسه من وسادة الظلمة ليتنفس المعنى، ويتسلل الضوء كهمس فكرة قبل أن تصير كلمة، فتبدو الأرض وكأنها خُلقت للتو؛ وفي هذا العبور من العتمة إلى الإشراق يكمن سرّ الوجود: أن كل شروق فرصة لإعادة تشكيلنا من جديد.

متعة الحياة في تنوع أحداثها، بين الصعوبات واليسر، وبين الفرح والكدر، وما نحن إلا صانعو اختياراتنا. وكما قيل: "فالعيشُ مُتعَتُهُ فيما نُكابدهُ عُـسـرٌ فَيُـسْـرٌ وأفرَاحٌ فأكْدارُ والناس في رحلة الأيام أوعية للخيرِ والشر والإنسانُ يختارُ"

"أتدري ما هو الحنين؟ الحنين هو حين لا يستطيع الجسد أن يذهب إلى حيث تذهب الروح."

الكراهية من العدوّ قدر مألوف، أمّا أن تأتي من قلوبٍ لم تؤذها، فتلك مفارقة الوجود: أن يُدان الإنسان على صفائه، ويُبتلى بما لم يزرع. وهنا تتجلى قسوة العالم، حين يختلط النقاء بجحودٍ لا يفسَّر. و يقول عسّاف بن سعد: "الكراهيّه تجيني من عدوي … عادي المصيبه ناس تكرهني وانا ما اكرهها"

"الناس… ما تبكي معك لين تنهار والجرح مايضحك معك لين يبرى"

صباح الخير للمكافحين، أولئك الذين ينهضون كل يوم رغم التعب، ويواجهون الحياة بإصرار وإيمان أن القادم أجمل. استمروا، فالنور لا يغيب عن قلوب صبورة تأمل بالخير.

“من الغباء أن تحمل الهم قبل وقوع القضاء” - نجيب محفوظ