حينَ تكونُ البصيرةَ يقِظة .. لن تهتزّ أسماعك لأحاديث مُلوّثة وكاذِبة ..!.

لن تعودَ إلى وضعك الطبيعي، ما دُمتَ مُصِرّاً على أنّكَ تعرِف كُل شيئ، وأنَّ قناعاتك تُمثِّل الحقيقة .. عليكَ أن تكونَ فضوليّاً بعض الشيئ، لِمعرِفة ما يحدُث خارِج دائِرة قناعاتك ،، لا تكبح لهفة المعرِفة بِداخلك، وتخلّص مِن كُل نمطٍ جامد وضعتَ نفسكَ فيه ..!.

في الغالب، قبول الأشياءَ كما هيَ أمرًُ صعب .. والتغيير قد يكون مُربِكاً ومُخيفاً ،، لكِنَّ القُدرةَ على القيام بالأمرينِ معاً، هي أشجع وأعظم شكل مِن أشكال حُب الذات ..!.

حتى الصرامةَ يُمكِنُها أن تكونَ لطيفة، فلا عُذرَ لِتجاوزاتك ..!.

لا تسأل، متى الوصول ؟. فالوصول ليسَ مكاناً، بل تحوّل .. فعِندما تتبدّل نظرتك للحياة مِن ضيقٍ إلى سِعة، ومِن خوفٍ إلى يقين، ومِن فارغٍ إلى إمتِلاء ،، يكون حينها الوصول الحقيقي .. ومِن تعاريف الوصول الحقيقي، هو القياس بِالمسافةَ بينكَ وبينَ حقيقتك ..!.

في دروب الحياة المُلتوية ،، يتوجه كُل إنسانٍ نحوَ غروبهِ الخاص، مُحاطاً بِظِلال ذكرياتٍ تتلاشى في صمت الرِحلة ..!.

إياكَ أن تتلبّس القِناع، وكأنّهُ وجهُكَ الحقيقي .. فمهما أوهمكَ بِالطُمأنينةَ، وشعور بِالأمان ،، إلا أنّهُ بشِع، ومُخادِع، وانتِهازي، فهو يُشوِّه حقيقتك، ثُمَّ تمحوها وكأنّها لم تكُن ..!.

كثير مِن الأشياء الداخليّة للإنسان لا ثباتَ لها .. ومُجمل الأحداث لا تُرى، وغالِباً ما تتداخل التفاصيل والمشاعِر، وتتحوّل الشكوك إلى يقين، والظّنون إلى حقائِق ،، ويُصبِح للأعماق جذور ووجود ..!.

حينَ تكونَ ذا وعيٍ مُتّقِد، وحيرة لا تُبالي بِوجودكَ المُرهِق، أو صاحِب روح مُرهَقة، تتأرجح بينَ واقعٍ مُؤلِم، وآمال مُنتظَرة .. حينها كُن واثِقاً، بِأنَّ لا خِداعَ، ولا إدِّعاءَ يشوب إحساسك، كونكَ زائِر غريب، يسكُن في قلب الوِحدةَ والألم ..!.

في مرحلةٍ ما، سوفَ تهتم لآراء مَن حولك، لكِن بعدَ أن ينضُج عقلك، وتستكين أفكارك، وتتّسِع مدارِكك ،، حينها ستوقِن فعليّاً، أنَّ الأولويةَ ليست لإرضاء الآخرين، وليست لِلتّبرير، وليست لِلشرح والتوضيح ،، بل لإرضاء ذاتك، وضميرك، وسلامك الداخلي، والمُحافظةَ على إتِزانك ليسَ إلا ..!.

على المرء أن يتخلّص مِن كُل ما غُرِسَ في عقلِهِ قهراً أو خِداعاً، مِن كُل ما هو جامِدٍ وثابِت .. عليهِ أن يتخلّص مِن كُل فِكرةٍ أوهمتهُ أنّها شرطاً أساسيّاً لإثبات كيانِه ،، عليهِ أن يتحرّر مِن الشائِع والمُعتاد، وقد ينجح حينها في قيادتِهِ لِعقلِهِ، ومُعلِّماً لِذاتِه ..!.

عليكَ أن تعي، بِأنَّ الآخرينَ لا يُراقِبونكَ إهتِماماً، ولا يحرِصونَ عليكَ رِعايةً، ولا يسألونَ عنكَ كرماً ولُطفاً .. بل يُشجِعهُم ويدفعهُم الفضول، وتُحرِّكهُم المصالِح، ويقودهُم الملل، والفراغ لِمُلاحقتِك اينما إتجهت وتوجهت .. فلا تكُن مِمّن ينطلي عليهم الإهتمام المُزيّف ..!.

يبدو أنَّ الفجوة القائِمة بينَ ما يُقال وما يُفهم، وبينَ ما يُقصد وما يُستقبَل، مِن أبرز الصعوبات التي تواجه أي خِطاب ،، فمهما بُسِّط الشرح، وتنوّعت أساليب توضيحه، يظلّ فهم المرء مُقيّداً ومحدوداً بِتجارُبهِ الشخصيّة، ومشاعِرهِ الخاصة، ومُستوى إداركهِ الذاتي والعقلي ..!.

الفُرصةَ الثانية، ليست تحدّياً جديداً، بل مواجهةً مع الذّات .. في الأولى كُنتَ تجهل الخطر، بينما في الثانية أنتَ تعرِفهُ حق المعرِفة ،، وتدفعُكَ النّفسَ إليهِ مع سبق المعرِفةَ والرغبةَ ..!.

أحياناً، الغضب يكفيهِ الإعتِذار .. وأحياناً، يكفيهِ مساحةً مِن الوقت والصمت .. بينما الخذلان لا يُخِفف مرارته الإعتِذار ولا الوقت أو حتى الصمت .. فهُناكَ فرق شاسِع بينَ أن تعتذِر لشخصٍ أغضبته، وبين شخصٍ خذلته ،، فجُل الآمال تسقُط وبِشِدّة ..!.

بينَ البُخلِ والإسراف منزِلة الكرم، وبينَ العفوِ والإنتِقام منزِلة العقوبة، وبينَ العجزِ والجهل منزِلة الحِكمة، وبينَ الجُبنِ والتهوّر منزِلة الشجاعة .. فأفضل ما يأخُذ بِهِ المرء هو التريُّث والتثبُّت عِندَ النّظر في الفرق بينَ مُشتبه الفضيلةَ والرذيلة ..!.

ما يُبقي المرء على أكُفّ الأمل، ويحفظهُ في داخلِهِ كديمومة منابِع السكينةَ واللُطف والصبر، وليسَ إنكاراً لِلواقع، أول سذاجةً في الفِكر .. فما أُبتُليَ بِهِ المرِ مِن همومٍ وصِراعات، جعلتهُ بالأمل قويّاً وصلباً، ومنحتهُ بصيرةً تؤمِن بِشروقِ شمسٍ تنسِف ما كانَ مؤلِماً ..!.

مَن يعي حقيقة الحياة، حتماً سيؤمِن أنَّ الإنسانَ مهما حقّقَ، سيظلّ في مهب ريح الحياة القاسية .. فهُناكَ قِلّةً مِن الأشخاص يُدرِكونَ أنَّ مُعاناة الماضي هي جُزء أصيل مِن تشكيل وتكوين الحاضر ،، وهؤلاء هُم مَن ينتزِعونَ نصيبهُم مِن السعادةَ والمُتعةَ رغم أنف الحياة ..!.

هُناكَ مَن يتمنّى لو يستطيع الإدراكَ بطريقةٍ أُخرى ومُختلِفة، خِلافاً لِما وصلَ إليهِ مِن مرحلة الوعي التي يعيشها في وقتهِ الراهِن .. ففِكرة أن يكونَ المرء حبيس أو رهينة لذاتٍ واحِدة حتى النِّهاية ،، تبدو فِكرة مُزعِجة وجِهاد حقيقي، قد ينعكِس سلبياً عليه ..!.

سيظلّ مُتجمِّداً في نُقطةٍ مُحدّدة، وأسيراً لاحتياجات اللحظة الحاضِرة، وعاجِزاً عن الوصول إلى عالم المبادئ والتأمُّل، وصياغة وتكوين معرِفة وثقافة ورؤية ذات أبعاد تُلامس المُستقبل " مَن إنهمكَ بِأكملِهِ ودارَ في فلك التفاصيل الحياتيّة المُعتادة "..!.