لا تنسونا من الدعاء يا كرام.

شكر السيسي على وقف الحرب لا يختلف كثيرًا عن شكر نتنياهو؛ فالأول حاصر غزة وضيق الخناق على أهلها لعقد كامل، وزادت شدة الحصار مع الطوفان، واقترح على الاحتلال تهجير المدنيين إلى سيناء لحين تصفية "الجماعات المسلحة"، وفي ذروة العدوان، وغزة تحترق، كان يعمق علاقاته الاقتصادية مع تل أبيب.

من سمات العبيد أن يشكروا الطاغية إذا منحهم فتاتًا من حقوقهم، وكأنه تفضل عليهم بما ليس لهم، وإذا حاصر إخوانهم عقدًا، وضيق عليهم زمن الحرب، وسلب أموالهم عند المعبر، واعتقل كل من حاول دعمهم، وسعى لتعزيز علاقاته مع عدوهم، ثم جرت مفاوضات وقف العدوان في بلده، تسابقوا لمدحه وجعله بطلًا.

x.com/i/spaces/1BRJj…

النظام هو من رسخ صورة سلبية عنه في وعي الشرفاء؛ فقد بدأ الحكم بسفك دماء الأبرياء واعتقالهم، وتوالت الكوارث: تفريط في مياه النيل، تنازل عن جزر مصرية، وعفو رئاسي للقتلة والفاسدين، وصولًا إلى تصفية أصول الدولة باسم الاستثمار، وفشل على جميع المستويات. فعلام لوم من يشكك بأدائه دائمًا؟

يروّج البعض -ممن يحسبون أنفسهم أصحاب نظرة مركبة وتحليل عميق للأحداث- أن جهازًا أمنيًا يتبع السيسي مباشرة، وتأسس على يد رموز عُرفوا بفضائح أخلاقية في الستينيات، وتشكلت عقيدته على هذا الإرث المخزي، ولا تزال فضائحه مستمرة، يعمل اليوم لخدمة أهل غزة! هؤلاء الحمقى غارقون في وهم عظيم.

يكشفُ تفاعل عامة الناس مع مثل هذه الأحداث حجم الكارثة التي كانت ستقع لو أن النظام الحالي نجح في الملف الاقتصادي وحقق قدرًا من الرفاهية للشعب؛ إذ كنا سنجد مجتمعًا مسخًا قد تفشى بين أبنائه التشوه القيمي، لدرجة تفوق ما نراه بأكثر الشعوب استكانة وخضوعًا في أنظمة الملكيات، فالحمد لله.

وحدهم المقاومون والمرابطون من أبناء غزة يستحقون الدعم والإشادة؛ تلك الثلة الصابرة التي واجهت أبشع صنوف الألم -من قتل وأسر وتجويع- تحت سمع العالم وبصره، بما في ذلك الأنظمة العربية التي اختارت التواطؤ -الخذلان بأحسن الأحوال- فلا يُنسب الفضل لغيرهم، ولا يجمل الطغاة على حساب دمائهم.

كان بوسع دول الطوق أن توقف نزيف دماء إخواننا في الأسابيع الأولى للحرب، لكنها اختارت أن تبني جسرًا بريًا لضمان إيصال بضائع للاحتلال، بعد أن سد الحوثيون طريق البحر، ومضت في تعزيز العلاقات الاقتصادية بعقد صفقة غاز هائلة. واليوم، بعد عامين من التواطؤ والخذلان، يطالبنا السفلة بالشكر!

ليس أحد من طواغيتكم مستحق للثناء، بل يستحقه رجل حر دفعه ألم إخوانه لحمل سلاحه ضد الصهاينة المعتدين، وآخر رفع صوته بوجه الظالمين الذين خانوا وتخلفوا، وآخر ركب البحر ليفك الحصار عن أهله، وأخير عجز عن ذلك كله، ولم تسنح له القدرة فقام ليله باكيًا يدعو لإخوانه ويرجو ربه أن يغفر عجزه.

بحاجة لعزلة طويلة، أعيد فيها النظر بعمق لبعض الأمور.

عامان على ارتقائك يا مهجة فؤادي. هنيئاً لك الخلود، ومقامك الرفيع في جِنان الخُلد. عساك وأبي تعيشان أعواماً مديدة في نعيم، تحلّقان فيه تحت العرش. نحسبكما والله حسيبنا من الصادقين الشهداء. تقبّلكما الله وقَبِل منكما.

Two Lovers

أهل الجهاد بغزة، كغيرهم من المسلمين، يصيبون ويخطئون، ومن الإنصاف مغفرة قليل الخطأ في بحر الصواب. إلا أن الأقلام الخسيسة لا ترحم: تقطع أوصالهم مع أي خطأ، لكنها تخرس إذا تعلق الأمر بالأنظمة العربية، ولو امتلكوا معشار جرأتهم وغيرتهم العقدية مع حماس أمام حكوماتهم لكان لبلادهم شأن آخر

أعان الله حركة المقاومة الإسلامية -حماس- على خذلان القريب قبل تآمر البعيد، وعلى سفاهة من يدعون نصرتها، ويتسترون بثوب المناصحة ليطعنوا بأفعال اضطر لها أهل الأنفاق الذابين عن الشريعة، بينما لا يتحدثون بشيء عن سكان القصور، أعانهم الله على حكومات عربية ذليلة وشعوب تجهل حقيقة الإسلام.

رصاصة واحدة للعدو، وعشرة للخونة... الله يرحمك يا صالح.

لا أعلم أحدًا -خارج حدود السجون العربية- من المعاصرين يقدم خطابًا متماسكًا ومشتبكًا مع الواقع بهذا الشكل! ربنا يبارك في ش. أحمد السيد.