رحم الله الشيخ ربيعاً، وغفر له، زرته في بيته مرتين في العوالي بمكة قبل ما يزيد عن ٢٥ سنة برفقة الشيخ محمد جميل زينو رحمه الله وبعض طلبة العلم ، فأكرمنا وقدم لنا من طعام بيته، وصبر على كثرة أسئلتنا على الرغم من كبر سنه ومرضه. ودارت بينه وبين الشيخ زينو مباحثات علمية نافعة.

للعلم فقه الدليل ينطبق على فقه المذاهب الأربعة، فكلها مبنية على الدليل عندهم وأحياناً التعليل، ولهذا لكل مذهب أصول في الاستدلال، ومعرفة الأصول المذكورة مهم لمعرفة مستند أقوالهم، وعليه ابحث في صحة أصولهم قبل فروعهم، ثم انظر في مدى صحة الدليل -الحديثي- والاستدلال أو التعليل،فتنبه.

ما كل الخلافات الفقهيةسببها عدم الوقوف على دليل المسألة بل الكثير منها متوقف على صحةالدليل من ضعفه، ودقة دلالته من عدمه، وغير ذلك من مسالك الترجيح، وكل ذلك محل اجتهاد،وعليه فلا يستخف حديث عهد بطلب العلم وربما استقامة بأقوال العلماء الراسخين، ففرق بين الدخيل والأصيل في العلم فتنبه

المذاهب الفقهية الأربعة خدمت خدمةجليلةمن جهة استيعاب فروعهاوتصوير مسائلهاوجمع أدلتهاوتمحيص دلالتها،وتخريج فروعها على أصولها وتحرير أقوالها،وطرح الضعيفةمنهامن قبل العلماء الفحول المنتسبين إليها فمنهم المحدث ومنهم الأصولي ومنهم اللغوي ومنهم المفسر ومنهم ومنهم فاحذر أن تقلل من شأنها

الدعوة إلى الله تحتاج إلى حكماء لا سفهاء

مما يعيب من تصدى للتدريس أن يسأل عن مسألة فيستحضر أقوال المعاصرين دون الأئمة الأربعة المجتهدين فضلاً عن من قال بها من الصحابة والتابعين نعم أُذكر المعاصرين من باب أصحاب الاختيارات لا الأقوال؛ لأن الأقوال قيلت قبل ولادتهم، ولأن منزلة السابقين العلمية أجل من منزلةالمعاصرين، فتنبه

بعض الكتب التي تغص بها المكتبات تؤكد أننا في مرحلة الترف في التصنيف، وأنّ التأليف أصبح عند البعض للمكاثرة لا للحاجة، رحم الله علماءنا الذين كان يبينون في مقدمة مصنفاتهم سبب التأليف كما في متن الغاية والتقريب:"فقد سألني بعض الأصدقاء حفظهم الله تعالى أن أعمل مختصراً في الفقه"

يأبى أن يتمذهب بمذهب من المذاهب الأربعة،ويرضى أن يتمذهب بمذهب طالب علم يدرسه؟!أين الطالب من المذاهب التي خدمت خدمة لا مثيل لها ولا يعني ذلك التعصب بل سلوك الجادة في التعلم،فحول العلماء تمذهبوا قبل أن يجتهدوا أي:دروسوا العلم على مذهب من المذاهب الأربعة ابتداءً،ولما تمكنوا اجتهدوا

الأوائل قلدوا ولما تمكنوا اجتهدوا، وبعض الأواخر اجتهدوا ولَمَّا يتمكنوا؟! لا ولن تتمكن من تحقيق كل مسألة ولما يشتد عودك في العلم، ولهذا ترى بعضهم يشرع في شرح درس فقهي ثم ينقطع أو لا يكلمه لتعسر الترجيح في كل مسألة، ومن هنا تظهر أهمية دراسة الفقه من خلال المتون الفقهية

شرح متنين، وتصنيف كتابين، ومتابعة ألفين لا يصيرانك إمام الحرمين، لأنك شرحت المشروح وكتبت في المكتوب، وشهرك هاتفك لا علمك،فلا جديد يذكر ولا عزيز يُطلب،ولا تقعيد يقصد، وعليه احذر الطيش والعُجب والغرور ؛ لأن العاقبة وخيمة ستكون، نصحت لك من غير أن تستنصح مع أن المنبغي لمثلك أن يستنصح

الساحة الدعوية ليست مجالاً لعبث العابثين، وطيش الطائشين، وتجارب المجربين بل هو اتباع لنهج النبي صلى الله عليه وسلم المختار، وخير من وضحه وسلكه هم ورثته العلماء الكبار فسلوهم قبل أن تفقدوهم وقبل أن تجنوا على الدعوة من حيث لا تشعرون، وإياكم والأصاغر سناً وعلماً فالمحن تأتي من قبلهم

الصفق في الأسواق خير من دعوة عبثية يضرها،ويضر أهلها،وعليه إما أن تدع إلى الله بحكمة،وإما تعتزل وتريح غيرك قبل نفسك بل تريح البلاد والعباد وحتى الشجر والدواب قاعدة دعوية:(ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ)

خذ المذهب من كتب المذهب، لا من نقل المخالفين لا سيما المتأخرين فقد لا يصيبون في تقريره ومعرفة معتمده، ولذا قال الحافظ النووي: "ولا نأخذ مذهبنا عن المخالفين"

رحم الله الشيخ #راشد_بن_سعيد_آل_مكتوم وغفر له وجزاه عنا خير الجزاء حكم وعدل، أحب رعيته وأحبته، وذلك يذكر بحديث: "خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم"

يقلل من شأن المذاهب ولا يعلم أنها خدمت خدمة لا مثيل لها،ابتداء من إمام المذهب الذي بذل جهده في تحري الحق، وربما عدل عن بعض أقواله كما فعل الإمام الشافعي،ومروراًبالأصحاب الذين حرووا المذهب،وربما عدلوا عن قول إمامهم إذا تبين لهم الحق في غيره كما فعل النووي،ولا يعني ذلك التعصب فتنبه

أنت فرد في العملية الدعوية لا الدعوة نفسها، اجعل ذلك نصب عينيك وإلا اختلطت عليك الأمور، وظننت أن نقدك أو منعك هو نقد ومنع للدعوة، والحقيقة أنه نقد لجهلك ومنع لتهورك، فتنبّه من غفلتك واستيقظ من سباتك قبل أن تضر الدعوة وأهلها وعندها ولات ساعة مندم