تحبين الطرق "الوعره" يا صبية .. - ابي سائق مخضرم في اكثر حالاته تشتتًا، حاك طريق من جده الى المكلا ..

لا أذكر كيف نضجت، كل ما أذكره في تلك اللحظة أنه لم يأتي أحد لإنقاذي

في صورةٍ قديمة يجلس أبي كأنّه يتذكّر شيئاً لم يحن بعد.

بعض الوداع، نزع للروح.! تشعر بانطفاء الأرض من بعده ..

لا تحرموا آباءكم من أن يشعروا بمكانتهم في قلوبكم، فالكلمة الصادقة دفء لا يُعوّض. أجمل ما يسكب السكينة في صدري أني قلت لأبي كل حبّي ولم أترك في قلبي حباً لم يعرفه .. 💜

عندما نستاء ننام. كأنها محاولة أخيرة للشك في كل ما حدث.

ثمة أحد هناك في ذاكرتي لا يكف عن الابتسام.

مرّ اسبوعين يا ابي ! ابي .. دائمًا كانت كتاباتي مرآتي… تحكي عني لكن اليوم، يا أبي، أودّ أن أكتب عنك أنت… وحين أفكّر أن أكتبك، تتخاذل اللغة، تتعثّر الحروف، وتبدو عاجزةً عن حملك بين سطورها. فأمثالك لا يُكتبون، بل يُجالسون وجهًا لوجه، و يعرفون موقفًا بموقف. كيف للكلمات أن

أبي ليس عابرًا في هذا الوجود فحسب … هو أثر، نقشته الأيام على وجه الزمن، و اثر، مهما اقتربت منه الخطى، لا يصل احد لمكانته ، ففي صمته شيء من غيم، و في حديثه شيء من مطر، روح لا تُقلّد، ما يشبهه سواه ..

صدئت السلالم يا ابي من توالي طيات الايام، و لم يصدى "الحنين" رغم كثرة ايام الوداع ؟

لا شيء يُذكَر يا أبي… سوى أن الأيام تمضي بأعدادها الكثيرة، وأنا ما زلت عالقة في ذاك اليوم ،يوم رحيلك ، كأن الزمن توقّف هناك، كأن كل ما مرّ بعده لم يكن سوى امتدادٍ له، يومٌ واحد طويل لم ينتهِ بعد، أعيش فيه كل صباحٍ كأنه اللحظة نفسها، وأنت الغائب الحاضر في كل ما يمضي ولا يمضي!

انا ما خسرت ابي فقط، انا خسرت وطن .!

هناك أحزان لا تُقال، ولا تُعزّى بعباراتٍ جاهزة، هي أحزانٌ مقدّسة، يُخشى أن تُدنّس إن خرجت في شكلٍ تقليدي. فأكتب بشهقات القلم، وأبكي بحروفٍ تعرف طريقها إلى الغياب، كي يبقى هذا الحزن طاهراً، ذكرى خالدة لوجهٍ غائبي ..

اتدثر كثيراً هذه الفتره بكثير من الالوان، و كثير من العطور ، علها تهدي برد حزني …

"لو كنت نغمّض عينيّا و تاخذني الأحلام من يديّا و نعلى و نحلّق في سماء جديدة و ننسى الوجايع لو كنت نسافر في خيالي نزرع و نبني قصور ليالي يكبر فيها الحب و آمالي و نمحي الآلام"

متى تعرف أنه حب ؟ حين يكون اللقاء هو الغاية دائمًا عندما يتحوّل حضوره إلى السكينة التي تبحث عنها طوال اليوم. لا مطالب تعجيزية ولا أحكام قاسية… مجرد وجوده وحده يكفي ومجرد بقائك بجانبه يسعدك وكأن العالم كلّه يهدأ حين يقترب.

سألتني اختي الصغيره ، قصدك عني في هذا النص ؟ 💜 ايه طبعاً و لكل شخص في حياتي يكون لقاءهم هو الدواء 💕 و للارواح التي رحلت و لكن ذكراهم وحدها تطمئن كل جزء مني ♥️

هلا ابوي ؟ تخيّل إن الجملة اللي كنت أرتويها كل يوم، تبخرت في لحظة ! استطعمتها في نبرتي اليوم، بس كانت خاوية، بلا معنى! لأنها ما تنقال إلا لك يا أبوي.

"ولكن اليوم أشعر: أن الآباء حين يهطل المطر ينفضون عنهم الموت، ليحبّونا لليلةٍ ماطرة واحدة، ثم يعودوا ليرقدوا بسلام"