يلازمني منذ أيام ذلك النوع من التعب، التعب الذي لا يذهب بالراحة، تعب يكافح لتكون محطتي الأخيرة عنده، أشعر الآن بعبارة ميغيل دي أونامونو حين قال على لسان بطل روايته أوغوسطو ( وهكذا أنقضت أيام من البكاء والسواد إلى أن تحول أنسكاب الدموع إلى الداخل )

سوف يأتي يوم وتدرك فيه أن طيّ صفحة هو أفضل شعور في العالم، لأنك سوف تدرك أن هناك بالكتاب ما هو أكثر بكثير من تلك الصفحة التي كنت عالقاً بها.

وفقك الله سمو سيدي 🇸🇦♥️

لم أستطع قراءة أيّ كتاب ولا سماع الموسيقى بل جلست وحيداً على أريكة الصالة او كما يسميها البعض غرفة المعيشة أحملق في الفراغ المظلم الذي لا وجود فيه لأي شيء وأفكر في أمور عديدة ولا يجدر بي التفكير في أغلبها.

أما أنا فكنت ضائعاً بين أحلامي وهواجسي، تنتابني الأيام والليالي مثلما تنتاب النسور والعقبان لحوم الفريسة، فكم حاولت أن أفقد ذاتي بين صفحات الكتب، لعلّني استأنس بأخيلة الذين طواهم الدهر.

كان يومًا رماديًا منذ بدايته تأخرت عن عملي، تعطّلت في الزحام، وسكبت كوب القهوة على ثوبي حينها شعرت أن العالم كله ضدي، لكن بعد منتصف الليل وجدت عزائي في صفحة من كتاب تذكرني أن حتى الأيام السيئة تمضي.

لم أكن شخصاً مثيراً للاهتمام، ولا أريد أن أكون مثيراً للاهتمام، ما أردته حقا كان مجرد مساحة ناعمة ضبابية للعيش فيها وأن أترك وحيداً.

اللهم أنزل شفائك لكل من مسه الضرر، اللهم اشفي وعافي كل مريض يتألم ولا يعلم بضعفه إلا انت سبحانك، اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين شفاءً لا يغادره سقماً يارب العالمين.

منذُ مدة طويلة لم أتحدث بالشكل الحقيقي بما أشعر به، وبما يمر بي، كل شيء يعيش بداخلي ومن الصعب إخراجه، أدركت كيف بإمكاني التعامل مع هذا الكم الهائل من المشاعر والفوضى والأفكار، و أن أتعافى وأكافح لإنقاذي في كل مرة أسقط فيها، وهذا أنبل شيء فعلته لنفسي، أن لا أتقاسم ضعفي مع أحد.

فقدهُ كان حدثاً جلل .. لم تتحدث عنهُ الصُحف ولم يُنشر كخبرٍ عاجل في محطات التلفاز او على نشرات الصحف، لكنهُ كان مُفزِعاً فهو الماكث في صدري البعيد عن عيني ويدي .. أشعرهُ هُنا أتحسسهُ في صدري لكنهُ في الضفة الآخرى من العالم.

وها انا أستقبل الثلاثين عام لأصبح ثلاثيني جاد! يظهر ان الوقوف على مثل هذه الامور أكبر من قيمة الكلمات ليكن المشهد تأمل حصاد السنين وكأن الوقت ياكل من عمرك كما تأكل النار، نسأل الله حسن الخاتمة فالتفكير بالعمر ينقلك لشعور وجداني يتجاوز عالم المادة.