نحتسِب لله عز وجل أوجاعنا وآهاتِنا ودُموعنا وتضحياتنا وما نعانيه من جوع وفقد ونزوح وخوف.

اللهم إنا رضينا فارضَ عنا وتقبل منا واغفر لنا وارحمنا برحمتك.

لا تعتادوا الخيام ولا تزينوا المر، ولا تضعوا مساحيق التجميل على وجه النسخة القبيحة من الحياة التي نعيشها، لا تعتادوا وهذا الرجاء حتى لا يزيد البقاء.

منذ يومين نتعرض لقصف عنيف من الطائرات الحربية والمدفعية الصهيونية بشكل جنوني!

كأن الحرب عادت من جديد بنفس الهمجية التي بدأت فيها.

الذي مضى ليس 200 يوم بل '17,280,000' ثانية فالوقت هنا بالثواني، وربما بأجزاء منها!

'17' مليون ثانية وأكثر من الخذلان، وتجدد القصف الجوي والمدفعي منذ الأمس بكثافة، ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله.

أسلوب جديد يستخدمه ضباط مخابرات الاحتلال ضمن هذه الحرب الهمجية، يتمثل في اتصال ضابط المخابرات على السكان ليلاً والطلب منهم إخلاء منازلهم ومنازل حي بأكمله بحجة قصف منزل.

يبقى السكان حتى الصباح في شوارع المدينة هم وأطفالهم وأصوات القصف من حولهم، دون أن يعرفوا متى سيعودوا لمنازلهم!

منذ بداية الحرب حتى حصارنا في مجمع الشفاء قبل أشهر كنت أحاول أن أنشر دائماً تغريدات لأوصل صوت الناس هنا.

أما بعد سلسلة المجازر الأخيرة وخروجنا من المشفى تحت القصف، فقدت القدرة على الكتابة ووصف ما نشعر به لأنني لم أجد ما أكتبه لأصف القهر الذي نعيشه هنا.

خذل الله كل من خذلنا.

استيقظ الجميع على أصوات تكبيرات العيد، بينما استيقظنا نحن على أصوات إطلاق النار والقصف المدفعي.

لا يمكنني أن أصف لكم شعورنا ونحن نستقبل العيد بهذا الحجم الكبير من الدمار والقهر والحزن على فقد الأحبة والشوق لمن أجبرهم الاحتلال على النزوح للجنوب بعيداً عنا.

قهر لا يمكن وصفه ..

أول عيد بحياتي يمر علي بدون أهلي!

156 يوم بدون رؤية وجه أمي وأهلي ومن أحب.

يا مبتهجين بالأعياد خجلاً!

فبعض من دمكم ولحمكم ودينكم يُباد.

مِن أوصافِ الحُزن فِي فقهِ اللّغة:
الوُجُوم: وهُو حُزنٌ يُسكِتُ صَاحبَه!

سُبحانك اللهُمَّ تدري ما نُكابِده.

اعتدت منذ بداية الحرب أن أرى إسماعيل بشكل يومي، والحال كما قبل الحرب فإسماعيل صديق مقرب منذ سنوات.

المهم أني رأيته بالأمس للمرة الأولى بعد اعتقاله، أصبح شخصاً آخر تماماً، يتكلم بقهر وتعب، لا يبتسم أبداً كعادته، ولم يستطع التغلب على الظروف الصعبة كعادته.

لا يوجد كلام يصف حاله.

يا رب البشريات الجميلة، اجعلنا نصدح بتكبيرات نهاية الحــرب قبل تكبيرات العيد!

تخيفني فكرة أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأنها قد تفجعنا بخسارة آخرين نحبّهم، أو ربما قد تفجِعُ غيرنا بخسارتنا نحن.

لم يبقَ متسعٌ لخسارات جديدة أخرى.

والله لو رأيتم قهرنا في غزة لما صدقتم أن بشراً يستطيع أن يتحمل كل هذه الأهوال، ويبقى على قيد الحياة ولا يموت!

والله لو كان صخراً لتفجر، ولو كان بحراً لتبخر، ولو كان جبلاً لتصدع، ولو كان حديداً لذاب.

ولكن من يتصبر يصبره الله، فاللهم اجعل عاقبة صبرنا جنة عرضها السموات والأرض.

'ربنا أفرِغ علينا صبرا'.

لا تكفينا جرعة أو مِكيال من الصّبر، نحن بحاجة لشلّال ينهمر علينا يغسل تعبنا وأوجاعنا ويشُد عزمنا، صَبرٌ يصمُد أمام كيد الظّالمين وفراق الأحبة وخسارة البيوت والنزوح والجوع والبرد ومجاهدة النّفس والشّقاء أينَما حلّ وهلّ.

اللهم صبراً.

أول رمضان بدون العائلة، وبدون الطعام الذي اعتدنا عليه، نعيشه ونحن نازحين مشردين بعيدين عن بيوتنا، لا نشعر بالأمان، أصوات القصف لا تتوقف، والشوق لمن رحلوا يأكلنا من الداخل.

لا يوجد كلام يصف شعوري وأنا بعيد عن كل من أحبهم، حسبنا الله ونعم الوكيل.

رمضان!!

يا رب وبس، ما في كلام ينحكى.

شبح الموت بسبب الجوع يتربص بنا، فماذا تنتظرون؟

#شمال_غزة

كونوا سبباً في إنقاذ حياة أحدهم 👇

gofund.me/afb97ee7

لمن ينتظر رمضان، نود إخباركم أننا بدأنا صيامه منذ خمسة أشهر، ولم نفطر بعد.