يامن تعصي الله وتنام على المعاصي؛ ألا تخشى أن تكون آخر ليلة لك!؟ كيف ستقابل ربك إن قُبضت روحك بهذا الحال!

أكرمونا بنصيحة تبدأ ب (إيّاك) جزاكم الله خيرًا

كيف نرجو الثبات بلا سريرة صالحة، ولا مجاهدة في الخلوة، ولا ورد قرآني، ولا قيام ليل، ولا دعاء غريق! قال ابن القيم: أجمع العارفون بالله بأن ذنوب الخلوات هي أصل الإنتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أصل الثبات.

إياك أن تعجب بنفسك، فلا تعلم النهايات، والنهايات أعظم وأعز وأهم من البدايات، فلا تحتقر أحدا أقل منك في دين أو دنيا! واحذر الغرور والعجب، فأقسم بالله مُلئت يقينا أن لولا ستر الله وحفظه وولايته لما قام إنسان يصلي ولا سعى إنسان في خير ولا حسن إسلام امرئ قط ولا بلغ في دين ولا دنيا.

مَن أحبَّ الله تعالى تأدَّب في الخلوات.

السلام عليكم، وبعد: أبشر بالخير، يكفي أن ربك الله، وأنك بفرج مازلت تنتظره، وأن الله لايعطي الإيمان إلامن يحب! أبشر فلكل شيء تأريخ صلاحية إلا وقوفك على بابه ولكل شيء تأريخ انتهاء إلا تباريحك القديمة ودعواتك السابقة، أتظن أنه نسي؟ ربك لم يكن نسيّا، لكنه يخلق مايشاء ويختار، فأبشر!

الخلوة مع الله؛ علاج كافي لترتيب فوضى القلب وما يعتريه من وحشة! شأن الخلوة عظيم، إذا عُمّرت بكثرة الذكر، من قراءة القرآن والاستغفار، وطول الدعاء، بأن يُعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته! وما جرّبَ العارفون شيئًا يُعينهم على التزوّد كالخلوات النّافعة وطول الانقطاع.

تعرِف البنت المؤمنة العاقلة الواعية؛ من حِجابها وحيائها وعفتها، وعدم الرضا على نفسها بالاختلاط مع الرجال.

من تجارب المجربين؛ من تلذذ بسماع الموسيقى صعب عليه التلذذ بسماع القرآن والتأمل في كلام الله! من تلذذ برؤية المحرمات صعب عليه التلذذ بالصلاة والخشوع فيها من تلذذ بمعصية خفية صعب عليه التلذذ بطاعة خفية هذه أشياء تظهر لكل من جرب هذه الخبائث؛ من رام اللذة التعبدية؛ فليكف عن الحرام.

دخلت أفضل أيام السنة على الإطلاق، بل عدّها بعض العلماء أفضل من ليالي العشر الأخيرة من رمضان! أيام لا يترك فضلها إلا محروم ولا يبتعد عن أجرها إلا مغبون، فالله الله بكثرة الأعمال الصالحة في هذه الأيام الفاضلة، وليكن الذكر وقراءة القرآن بعد الفرائض منال قصدك وهمك، فهما خير النوافل

في هذه العشر قد تعمل حسنة واحدة تُكفّر سيئاتك كلها، ويعفو الله عن جميع خطاياك بما فيها الكبائر، لما فيها من الإخلاص والتجرّد لله. لأن عمل القلب أعظم عند الله من الجوارح! قال ابن تيمية: والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه لله، -فيغفر الله له به كبائر.

من طال عليه زمن الفاقة، وتوالت التزاماته، وشحت موارده، فليكثر من قول (ربّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وليُطل من مناشدة ربه بها، فما دخل عليه عبد من باب الافتقار، إلا أغناه ولايكتفي بالإخبار بفقره، بل يقرنه بسؤال الافتقار "اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك"

غالبًا ما يرتبط الدعاء في الذهن بالأشياء العسيرة، مع أن العبودية لاتتجزأ، والذكي من جعل مطالب الرخاء قنطرته للشدة! وقد كان السلف يرون الحياء في كل شيء إلا في طلب الله، فيسألونه صغار الأشياء قبل كبارها، كملح الطعام وخلّ الإدام! قالﷺ (ليسأل ربه كل حاجته حتى شِسْع نعله إذا انقطع)

الإنسان من دون ولاية الله في غاية الضعف، لدرجة أنه يسقط في ذنب لا يتوقع أن مثله يسقط به، من شهوة تدمي قلبه، أو لذة محرمة تفسد روحه، ثم إذا سقط بين يدي ربه وناجاه وصدق معه واستغاث بكرمه ورحمته وولايته؛ وجد أنه يعافيه من هذا البلاء، ويرفعه عنه، بل ويجد أنه يعالج من كان مبتلى به!

تريد نصيحة من القلب ترى أثرها في الحياة، مهما طال بك الطريق ومهما رأيت من شقاء؟ أصلح نيتك، صفِّ باطنك من الشوائب والأمراض، أبعد الحسد والغل والكبر والُعجب والرياء والنفاق والسوء عن قلبك، وحب الخير للناس، وتمنَّ لهم كل خير، واجعل قلبك في بياض كبياض اللبن، وسترى أثر ذلك في حياتك.

قد يتأخر الرزق عليك لأنك لست على قدره، فلو أتاك فجأة لم تتحمله نفسك، فيرقيك الله في معارج طاعته كي تعتاد، ويقويك عند إقبال الدنيا لئلا تنقاد! فإذا تخلصت من أسر الفتنة و أصبحت الدنيا عندك سواء في الإدبار والإقبال، غمرك من الخير العظيم، وذلت لك أعناق المنح وأصبحت حجة لك لا عليك.

بعد التوبة وترك الذنب ربما تأتي على الإنسان عصرة يختبر بها إيمانه وقلبه، يشعر الإنسان أن مزاولة الذنب أهون على نفسه من هذه العصرة المؤلمة! ما من مسلمٍ يقبل على ربه بالصدق والمجاهدة ويري ربه خيرًا عظيمًا في هذا المحنة إلا ويفتح عليه من بركات السماء والأرض ويرزقه اليقين الذي يسره

من بواعث السكينة الرضا عن الله، لن يستقيم لك ذوقٌ، ولن تستمتع بطاعة حتى ترضى عن الله، وتستقبل أقداره بالعين التي استقبلت أخباره، وهذه صدّيقية السلوك، وأرباب هذا الطالع يُحاز لهم من الفرج أسرع من غيرهم، قال ﷻ (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبًا)

من لطيفِ أمر الدُّعاء، أنَّ الاستجابة قد لاتأتي على نفس الغرض، وإنما يأتيك مقصودك من هذا الغرض. تطلب الله وظيفة معينة لأجل طموح معين فيحقق لك الطموح بغيرها، تسأله متعاً حسية كي تسعد فيغمرك بالسعادة بطرقٍ أفضل، لن تزال بخير مادمت توقن أن الله أعلم بك منك، وأن حكمته سبقت علمك.

في الروح شيء لا يسده سوى الله، وفي النفس علة لا يداويها سوى الله، وفي الإنسان شتات وضياع وهيام لا يطمئنه ولا يهديه سوى الله! قال ابن تيمية: من سره أن يكون أقوى الناس؛ فليتوكل على الله. فالله الله بالانطراح بين يديه وقصده وكثرة الدعاء بصلاح القلب والنفس والروح، وسترون العافية